الزملاء والزميلات الكرام
في القرن الماضي بدا وكأن الكون كله ذاهب لثورة حقيقية تجعل من الصورة البصرية أحد أهم أدوات تشكيل الوعي الإنساني ، أدوات كانت مقدمة لهيمنة العالم الافتراضي على الفكر البشري ، حيث الصورة أصبحت أحد أهم أدوات الإنسان لتخليد ذاته وقضاياه وقيمه ، وفنونه وآدابه
وفي مرحلة صعبة من تاريخنا ، كان الاشتباك مع المشروع الإسرائيلي ، يتمركز حول هذه الصورة ، التي ندرك جميعا أنها باتت أرضية الصراع الحقيقية حول الرواية التاريخية ، وإقناع الآخر ، المختلف ثقافيا ودينيا واجتماعيا بالرواية الحقيقية للفلسطيني الذي يدافع عن عدالة قضيته ، في مواجهة جهد حقيقي إسرائيلي يعي أهمية الإعلام والسينما والمسرح ومختلف الفنون التي تمتلك القدرة أيضا على تزييف الحقائق التاريخية
لقد أعلنت الإسرائيلية ” ليا فان لير” عن انطلاق مهرجان القدس للسينما الإسرائيلي منذ عام 1984، أي منذ أكثر من ثلاثين عاماً، في وقت كنا غائبين فيه فلسطينياً وعربياً وكمسلمين عن هذا الجانب المهم الذي يعتبر أخطر الوسائل الإعلامية تأثيراً، والذي يخلق دوافع لدى المشاركين من كل دول العالم في هذا المهرجان للتعاطف في أفلامهم مع الكيان الإسرائيلي
وما بيننا وبينهم ، ما بين أحلامنا وأحلامهم ، وجودنا ووجودهم ، كانت القدس تحلم برواية مضادة تجعل من وجودها مركزيا في وعينا ، وكأنها تدرك أن سيف الغياب سينتزعها من وعي الأجيال القادمة ، فصرخت في الجميع ، معركة الوجود أبطالها الحقيقيون كثر من سينمائيين وشعراء وروائيين وكتاب وفنانين ، فالمعركة تتجاوز كونها معركة بندقية في مواجهة أخرى
نقف أمامكم اليوم أيها الأعزاء لنعلن أن صرخة القدس استقرت في وجداننا تماما كما هي في وجدان كل إنسان حر ، وأن السينما الملتزمة هي أداة الحالمين بالحرية ، لإعادة صياغة إنسان مقاوم ، مرتبط بهويته الوطنية
مهرجان القدس السينمائي الدولي هو مشروعنا الذي نطمح في أن يكون دوريا ،
وهو مهرجاننا الذي نأمل في حشد الطاقات العربية والإسلامية خلفه
وهو فعاليتنا السنوية التي من الممكن أن تعيد ترميم ما أفسدته السياسة ، لنلم شمل الحالمين جميعا في غزة والضفة والقدس وكل مناطق اللجوء الفلسطيني في جهات الكون الأربع
ونطمح أن يتحول مهرجان القدس السينمائي الدولي إلى نقطة التقاء لكل المؤمنين بالوجود الفلسطيني على أرض حلمه الأكبر ، لنعلن أن الإنسانية تقف صفا واحدا في مواجهة مشاريع التضليل وتزييف الروايات التاريخية
ونحلم أيضا في أن يصبح المهرجان بوابة الدخول حتى للهواة لعالم سينمائي حقيقي مبدع ، ليتيح لهم الاستفادة من التجارب السينمائية العربية والعالمية
ونحلم في زمن تصبح فيه السينما الملتزمة الخبز اليومي للإنسان العادي ، سينما في دولة في بلدة ، في مخيم لاجئين أو في خيمة … لا فرق
وإننا إذ نقف أمامكم لنعلن عن بدء استعداداتنا ليصبح الحلم حقيقة … وأن يوما قريبا سيصبح فيه عرض الفيلم السينمائي متزامنا وفي ذات التوقيت ، على أرض فلسطين وعلى كل أرض عربية ، وعلى خشبة مسرح كل جالية مناصرة للحق الفلسطيني
وأخيرا هذا الحلم يعيشه مجموعة كبيرة من السينمائيين والفنانين والنقاد والمفكرين في مختلف أماكن وجودهم ، والذين نحلم في أن يأتي يوم تصبح مشاركتهم في المهرجان على أرض الحلم فلسطين ، ممكنة وأن ينطلق مهرجان القدس السينمائي الدولي المركزي من أمام أسوار القدس.
شكرا لكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته